باريس تشهد انتعاشا سياحيا وتجذب أنظار العالم للاحتفال بعيد الميلاد والعام الجديد
وسط مظاهر احتفالية وأضواء تتلألأ في كثير من ميادين العاصمة الفرنسية باريس، تعج الشوارع الباريسية بالعديد من السياح من مختلف أنحاء العالم، لقضاء عطلة نهاية العام وحضور الاحتفالات بعيد الميلاد والعام الجديد، حيث تمتلك باريس سحرا خاصا يجذب الجميع للذهاب إليها وقضاء وقت ممتع وسط معالمها الرائعة.
وكان 2024 عاما مميزا لفرنسا، حيث شهدت البلاد العديد من الأحداث السياسية والفعاليات العالمية الكبرى الثقافية والرياضية، بداية من استضافة دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية، وصولا إلى إعادة افتتاح كاتدرائية "نوتردام بباريس" العريقة. ويبدو أن هذه الأحداث الدولية الكبرى بدأت تؤتي ثمارها بعد أن خطفت الأنظار إلى فرنسا وساهمت في جذب المزيد من السياح في نهاية العام.
من أمام برج "إيفل" أحد أهم المعالم السياحية في باريس، حرصت "ماري خوسيه" من كولومبيا، على أخذ صور مع عائلاتها، معربة عن سعادتها بوجودها هنا وقضاء وقت ممتع مع أسرتها لأول مرة في العاصمة الفرنسية. وقالت لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس: "هذه أول زيارة لنا إلى فرنسا، ونستمتع بوقتنا وسط هذه الأجواء الجميلة".
وتستمتع "جاسلين" من البرازيل بوقتها ايضا حريصة على أخذ صور كثيرة وأعربت عن سعادتها بزيارتها الأولى إلى فرنسا، قائلة "باريس..أحبك!".
ولا يختلف المشهد - كثيرا - في العديد من المواقع السياحية الأخرى، بل يحرص كثير من السائحين وأيضا المواطنين الفرنسيين على الاستمتاع بوقتهم وسط أجواء مبهجة. فمن أمام "قوس النصر" النصب التذكاري الذي يقع على رأس جادة الشانزليزيه، أعرب "كريم" و"نبيلة" من المغرب، عن حبهما لباريس "مدينة الأنوار، حيث يرغب الجميع في زيارتها وقضاء عطلة نهاية العام بها، فهي مدينة الحب والموضة والثقافة.. مدينة الأحلام"، آملين في زيارة كاتدرائية نوتردام "نعرف أنه تمت إعادة افتتاحها ووجهتنا القادمة إليها".
كذلك، "أيكا" من اليابان أعجبت كثيرا بالأضواء في الشانزليزيه، وهذه أول زيارة لها بباريس وحرصت أخذ صور كثيرة مع صديقتها من أمام "قوس النصر" .
أما "رحيمة" من المغرب، تعيش في مدينة "ليون" (جنوب شرق فرنسا)، وقررت الاحتفال برأس السنة بباريس واستكشاف المعالم الأثرية والسياحية المميزة بها وقالت "هذه أول مرة أزور فيها باريس.. نرغب دائما في رؤيتها ونريد أن نستكشفها".
من المتعارف عليه أن فرنسا تعتبر من أكثر الوجهات السياحية في أوروبا زيارة لقضاء العطلات، وفي الفترة الممتدة من الأول من نوفمبر إلى 8 ديسمبر، سجل عدد الوافدين جوا إلى باريس من مختلف أنحاء العالم زيادة بنسبة 15,4 % مقارنة بالعام الماضي، وفقا لأحدث بيانات صادرة عن هيئة السياحة في باريس. وإجمالا، وصل نحو 1.3 مليون زائر.
كما امتلأت الفنادق الباريسية بالنزلاء، إذ قارب معدل الحجوزات لأسبوعَي عطلة عيد الميلاد 70 % في منتصف ديسمبر، أي أكثر من العام الماضي بتسع نقاط، وفقا لشركة "إم كاي جي داتا كونسالتينج".
ورحب العاملون في القطاع السياحي بانتعاش السياحة في البلاد في نهاية العام، معتبرين أن هذا بفضل ما وصفوه ب "التأثير المزدوج للأولمبياد"، خاصة بعد فترة الصيف التي اتسمت هذا العام بانخفاض حاد في النشاط السياحي.
وأشاد تييري ماركس، رئيس اتحاد المهن والصناعات الفندقية الفرنسي بهذا الانتعاش السياحي الذي تشهده فرنسا حاليا بفضل تأثير أولمبياد باريس. وأشار إلى انتعاش ونشاط "جيد" حيث شهدت مناطق عدة منها "جبال الألب" و"باريس"، والمدن الكبرى إقبالا كبيرا . ووفقا له، بلغت الحجوزات أكثر من 2.2% في الفنادق.
وقال فرانك ديلفو، رئيس فرع اتحاد المهن والصناعات الفندقية الفرنسي في منطقة "باريس إيل دو فرانس"، إن دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها باريس ساهمت في هذا الإقبال، إذ "جعلت السياح يرغبون في العودة (إلى باريس) أو المجيء إليها، مدفوعين بالصور التي رأوها عنها". وحظيت دورة باريس بأكبر نسبة متابعة عبر شاشة التلفزيون في تاريخ الألعاب الأولمبية، وفقا للجنة الأولمبية الدولية.
وقالت الوزيرة الجديدة المسؤولة عن السياحة ناتالي ديلاتر، إن الأولمبياد كان بمثابة "واجهة عرض استثنائية" استفادت منها المدينة. وأضافت "أثبتنا قدرة فرنسا على تنظيم الأحداث الكبرى.. مع ضمان سلامة الجميع".
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت إعادة افتتاح كاتدرائية "نوتردام بباريس" العريقة في انتعاش القطاع السياحي. ففي الأسبوع الأول وبعد فتح أبوابها في 7 ديسمبر، استقبلت الكاتدرائية 270 ألف زائر في ثمانية أيام، حسبما أفاد رئيس كهنتها لصحيفة "لو باريزيان" الفرنسية.
وللمرة الأولى منذ الحريق الذي اجتاح الكاتدرائية في 2019، أقيم قداس عيد الميلاد التقليدي ليلة /الثلاثاء/ وصباح /الأربعاء/ الماضي، وسط حضور آلاف من المصلين الذين احتفلوا بعودة إحياء الطقوس في ظل أجواء من الفرح والامتنان.
ومن أمام الكنيسة البالغ عمرها أكثر من 860 عاما، وتُعد تحفة معمارية من الفن القوطي، ينتظر مئات السياح في طوابير انتظار طويلة وجاء البعض من أماكن بعيدة لزيارتها ورؤيتها بعد إعادة ترميمها، مثل "إيلينا"، من الأرجنتين، وقالت "كان هناك حديث في الأخبار المحلية حول افتتاح الكاتدرائية؛ الأمر الذي لفت انتباهي وجعلني أرغب حقا في الحضور".
يستمتع السياح بأوقاتهم في العاصمة الفرنسية في ظل تواجد أمني وإجراءات أمنية مشددة، حيث إن فرنسا ليست بمنأى عن التوترات التي يشهدها العالم والأحداث الأخيرة التي وقعت في الشرق الأوسط وتؤثر على البلاد. لذا، شددت السلطات الفرنسية إجراءات الأمن حول أسواق عيد الميلاد وأماكن العبادة وتم نشر نحو 38 ألف من عناصر الدرك الوطني في جميع أنحاء البلاد لضمان تأمين الاحتفالات بعيد الميلاد ونهاية العام.
ولاتزال مدينة الأنوار تعج بالسياح من مختلف دول العالم للاستمتاع بجمالها وسط الأضواء التي تتلألأ في كثير من الميادين والشوارع للاحتفال بأعياد الميلاد وبقدوم عام جديد مليئ بالأمال والطموحات. ويبدو أنه سيكون عاما سياحيا واعدا لفرنسا، مع زيادة في عدد الوافدين جوا من مختلف أنحاء العالم بنسبة تصل إلى 20% خلال الفترة من الأول من يناير إلى 30 يناير 2025، مقارنة بعام 2024، وفقا لهيئة السياحة في باريس.