السبت 26 أبريل 2025 06:58 مـ 27 شوال 1446 هـ
اقتصاد بالعربي | بوابتك لعالم المال والأعمال
رئيس مجلس الادارة د. محمد أسامة هارون
Embedded Image
×

خالد محيى الدين: مصر على أعتاب نظام اقتصادي عالمي جديد وفرص ذهبية وسط التحديات

الإثنين 21 أبريل 2025 04:05 مـ 22 شوال 1446 هـ
الدكتور محمود محيي الدين
الدكتور محمود محيي الدين

في ظل اضطرابات اقتصادية وجيوسياسية تعصف بالعالم، يرى الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة ورئيس فريق خبراء حل أزمة الدين العالمي، أن مصر تقف على مشارف فرصة تاريخية، وإذا ما نجح صناع القرار في استثمار التحولات الراهنة، يمكن للبلاد أن تتبوأ مكانة ريادية في النظام الاقتصادي العالمي الناشئ.

خلال حوار خاص أجراه مع الإعلامية لبنى عسل في برنامج "الحياة اليوم" على قنوات الحياة، أوضح "محيي الدين" أن السياسات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة، التي لم تقتصر على فرض رسوم جمركية بل امتدت لتقييد حركة الاستثمارات، التكنولوجيا، والهجرة، قد هزت أركان النظام الاقتصادي العالمي الذي ساد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، واعتبر أن هذه الإجراءات، غير المسبوقة، ألحقت ضررًا بالغًا بقواعد التعاون الدولي، مما أدى إلى تفكك تدريجي للنظام الاقتصادي القائم دون وجود إطار بديل واضح.

وأشار إلى أن الأزمة الاقتصادية الحالية ليست مجرد موجة عابرة، بل هي انهيار هيكلي للنظام الدولي، مصحوب بانخفاض حاد في أسعار الأسهم، السندات، وحتى الذهب، وأضاف أن قرار الرئيس الأمريكي بتجميد بعض هذه الإجراءات مؤخرًا جاء استجابة لضغوط اقتصادية متزايدة، لكنه حذر من أن العالم يمر بمرحلة انتقالية قد تُفضي إلى أزمة عالمية إذا لم تُدار بحنكة.

نظام اقتصادي جديد بقيادة القوى الناشئة

أكد "محيي الدين" أن ملامح نظام اقتصادي عالمي جديد بدأت تتبلور، مدفوعة بصعود قوى مثل الصين، التي أصبحت أكبر اقتصاد عالمي وفق معيار تعادل القوى الشرائية، إلى جانب الهند ودول جنوب شرق آسيا، كما لفت إلى تحولات جذرية في التحالفات الاقتصادية، حيث تتسع الفجوة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، بينما يتزايد النفوذ الآسيوي على الساحة الدولية.

مصر بين التحديات والفرص

في سياق الواقع المصري، أوضح خالد محيي الدين أن مصر لم تسلم من تداعيات الأزمات العالمية، بدءًا من الانهيار المالي عام 2008، مرورًا بالاضطرابات السياسية، جائحة كورونا، وصولًا إلى التوترات الحالية في غزة وأمن البحر الأحمر، لكنه شدد على أن هذه التحديات يمكن أن تتحول إلى فرص إذا تم استغلالها بحكمة، وأوصى بالتركيز على تهيئة بيئة استثمارية جاذبة من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، تعزيز الإنتاجية، وتقليل العقبات البيروقراطية.

ودعا إلى استثمارات مكثفة في البنية التحتية، التعليم، الرعاية الصحية، التحول الرقمي، الطاقة المتجددة، والاقتصاد الأخضر، مشيدًا بالمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية التي يرعاها الرئيس عبد الفتاح السيسي، كخطوة رائدة لدعم التنمية المستدامة، كما أكد على أهمية تمكين المحافظات من جذب الاستثمارات، بدلاً من تركيز المسؤولية على الوزارات المركزية، مشيدًا بالإصلاحات الحكومية الأخيرة مثل توحيد الرسوم في ضريبة واحدة.

القطاع الخاص ودور اليقين

أشار محيي الدين إلى أن القطاع الخاص، المحلي والدولي، يتطلب بيئة موثوقة وسط حالة عدم اليقين العالمية، وأكد أنه رغم عدم قدرة مصر على التحكم في الظروف الدولية، فإنها قادرة على خلق مناخ داخلي مستقر وعادل يجذب الاستثمارات، ونصح بإعادة هيكلة السياسات المالية والضريبية لدعم القطاع الخاص، مؤكدًا أن تعزيز الثقة المحلية سيمهد الطريق لجذب الاستثمارات الأجنبية حتى في خضم الأزمات.

تنويع الشراكات ودور البريكس

وحث "محيي الدين" على توسيع الشراكات الاقتصادية من خلال تعزيز دور مصر في تجمعات مثل البريكس، الجامعة العربية، والاتحاد الأفريقي، إلى جانب تعزيز التعاون مع دول الآسيان وأوروبا، وأشار إلى أن التوترات الناجمة عن السياسات الأمريكية قد تفتح آفاقًا للتعاون مع الصين، الدول العربية، وأفريقيا، مستفيدة من قواعد المنشأ لجذب الاستثمارات الصناعية.

التنمية من الداخل

في ختام حديثه، أكد محيي الدين أن التنمية الحقيقية تبدأ من الداخل، من خلال الاستثمار في رأس المال البشري، تحسين التعليم، والرعاية الصحية، وأضاف أن مصر تمتلك المقومات اللازمة، لكنها تحتاج إلى سياسات مرنة ومؤسسات قوية قادرة على تحويل التحديات إلى فرص واعدة، لتكون لاعبًا محوريًا في النظام الاقتصادي العالمي الجديد.