توقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا.. نهاية حقبة الهيمنة على سوق القارة العجوز
في أول أيام العام الجديد، توقفت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، وهو ما يمثل تحولًا كبيرًا في سوق الطاقة الأوروبي بعد سنوات طويلة من هيمنة موسكو على هذه الإمدادات. جاء هذا التطور بعد انتهاء اتفاقية عبور الغاز بين روسيا وأوكرانيا، التي استمرت خمس سنوات، ما أدى إلى إغلاق أقدم خط أنابيب لتصدير الغاز الروسي إلى أوروبا، الذي يعود إلى حقبة الاتحاد السوفيتي.
أعلنت شركة "غازبروم" الروسية العملاقة صباح الأربعاء، توقف صادرات الغاز عبر أوكرانيا إلى أوروبا اعتبارًا من الساعة 8:00 صباحًا بتوقيت موسكو (0500 بتوقيت غرينتش)، بسبب انقضاء أجل الاتفاقية الموقعة بين الجانبين. وكشفت بيانات من الشركة الأوكرانية المعنية بعبور الغاز أن روسيا لم تطلب أي تدفق للغاز اعتبارًا من بداية يناير 2025.
منذ اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا في فبراير 2022، قلص الاتحاد الأوروبي بشكل كبير اعتماده على الغاز الروسي، حيث عمل على تنويع مصادر الطاقة وشراء الغاز من دول أخرى مثل الولايات المتحدة وقطر والنرويج. كما كانت الدول التي لا تزال تشتري الغاز الروسي، مثل سلوفاكيا وجمهورية التشيك والنمسا، قد بدأت في تأمين إمدادات بديلة، مما يقلل من التأثير المباشر لتوقف إمدادات الغاز عبر أوكرانيا.
أسعار الغاز في أوروبا استقرت عند 48.50 يورو لكل ميغاوات في الساعة بعد إغلاق تعاملات الثلاثاء، مع تسجيل زيادة طفيفة عن التداولات الأولية. رغم ذلك، فإن أهمية هذا التطور تتجاوز الأبعاد الاقتصادية، حيث يعتبر بمثابة ضربة جيوسياسية لموسكو، التي فقدت حصتها المسيطرة من إمدادات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي لصالح منافسين آخرين.
في 2023، تكبدت "غازبروم" خسارة قدرها سبعة مليارات دولار، وهي أول خسارة سنوية منذ عام 1999. وفيما تضررت أوروبا من نقص الغاز الروسي الرخيص، الذي أسهم في تباطؤ الاقتصاد وارتفاع التضخم، فإن هذا التراجع يزيد من المخاوف بشأن فقدان القدرة التنافسية على المدى الطويل، خاصة بالنسبة للصناعة الألمانية.
تداعيات الحرب على قطاع الغاز الروسي
على مدار عقود، تمكّنت روسيا من بناء حصتها في سوق الغاز الأوروبي، والتي بلغت 35%، لكنها فقدت هذه السيطرة بعد اندلاع حرب أوكرانيا. أغلب طرق نقل الغاز الروسي إلى أوروبا تم إغلاقها، بما في ذلك خط "يامال-يوروب" عبر روسيا البيضاء، وخط "نورد ستريم" في بحر البلطيق الذي تعرض للتفجير في 2022.
أما أوكرانيا، فقد أعلنت رفضها التفاوض على اتفاقية عبور جديدة، مما يعني فقدانها لحوالي 800 مليون دولار سنويًا من رسوم العبور. في الوقت نفسه، خسرت "غازبروم" نحو خمسة مليارات دولار من إيرادات الغاز الذي كانت تبيعه عبر أوكرانيا إلى أوروبا.
ومن غير المتوقع أن يؤدي انتهاء اتفاقية العبور إلى زيادة مماثلة في أسعار الغاز كما حدث في 2022، حيث لا تزال الكميات التي كانت تمر عبر أوكرانيا تمثل نسبة ضئيلة من الإجمالي. في عام 2023، شحنت روسيا حوالي 15 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا، وهو ما يمثل 8% فقط من إجمالي إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا.
مع استمرار غياب الطلب الروسي على الغاز عبر الأنبوب الأوكراني، تستمر أوروبا في تأمين احتياجاتها عبر مسارات بديلة، مما يقلل من تأثير هذا التوقف على السوق الأوروبية، خاصة في ظل تعدد مصادر الإمداد.