تنفيذ المشروع على طول ساحل أثينا ويتكون من مجمع واسع من المنازل والفنادق والمراسي
المشروع يوفر 80 ألف وظيفة جديدة .. وتوليد إيرادات ضريبية تتجاوز 10 مليارات يورو بعد اكتماله في عام 2037
على الساحل الجنوبي للعاصمة اليونانية، تكتسب أخيراً خطة طال انتظارها لتحويل مطار المدينة السابق، إلى أكبر مدينة ذكية في أوروبا ، و بعد عقد من التأخير، بدأت رؤية مدينة إيلينيكون في التبلور. حيث بدأ تطوير مشروع “برج المارينا”، الذي سيصبح قريباً أول ناطحة سحاب في اليونان. بدأت الهياكل الهائلة الحديدية بكشف مظاهر الشقق. من خلال الوقوف على المرسى، مع إطلالة على خليج “سارونيك” من جهة والبرج من جهة أخرى، يمكنك تخيل مدينة المستقبل، التي ستتميز بالمساحات المفتوحة، ومصادر الطاقة المستدامة، والمساحات الخضراء الوفيرة التي تفتقر إليها أثينا حالياً.
قال أوديسيس أثاناسي، الرئيس التنفيذي لشركة “لامدا” (Lamda)، الشركة المطورة للمشروع خلال مقابلة: كان هناك عدم تصديق مبرر” خلال الأيام الأولى للمشروع.
وتمتد “إيلينيكون” على مساحة تبلغ 6200 فدان، على بعد 20 دقيقة بالسيارة خارج أثينا، حيث ستحول كل من الساحل والبلاد. يعتبر المشروع نوعاً من المشاريع التي نشهدها عادةً في الصين أو الإمارات، وعلامة على انتعاش اليونان بعد الأزمة، وحماس المستثمرين خلال الفترة اللاحقة. تتوقع الشركات المطورة أن هذا المشروع سيضيف 2.5 نقطة مئوية إلى الناتج المحلي الإجمالي لليونان، ويوفر ما يصل إلى 80 ألف وظيفة جديدة، ويولد إيرادات ضريبية تتجاوز 10 مليارات يورو، وذلك بعد اكتماله في عام 2037. يُتوقع أيضاً أن يجذب هذا المشروع مليون سائح إضافي سنوياً، سيتمكنون من اختيار إقامتهم بين فندق “ماندارين أورينتال” (Mandarin Oriental) ومنتجع كازينو متكامل.
انتعاش السياحة
انتعش قطاع السياحة في اليونان منذ حقبة كورونا، إذ بلغ عدد الوافدين إلى البلاد 32 مليون زائر العام الماضي، كما أن عام 2024 في طريقه ليشهد عدداً قياسياً من الوافدين ، و بالنسبة إلى الوافدين الذين يرغبون في البقاء بشكل دائم في البلاد، تم طرح 243 وحدة للبيع في الحي المسمى “ليتل أثينا” (Little Athens)، حُجزت 140 وحدة منها. تم بيع شقق “برج المارينا” والفيلات والشقق المطلة على الشاطئ أولاً، حيث أعلنت “لامدا” في وقت سابق من الشهر الماضي، أن عائدات مبيعات العقارات قد بلغت 641 مليون يورو اعتباراً من مارس الماضي. وكان غالبية المشترين من المواطنين اليونانيين، حيث يُتوقع أن تضم المدينة ما يصل إلى 20 ألف شخص من خلال حوالي 10 آلاف إقامة في غضون السنوات الـ13 المقبلة.
ومن خلال العمل على مفهوم التخطيط الحضري لمفهوم مدينة الخمس عشرة دقيقة، سيتمكن سكان “إيلينيكون” من الوصول إلى المدارس والحدائق والمكاتب والمتاجر وحتى الشاطئ في أقل من ربع ساعة. كما سيتم ربط برامج الإشراف على خدمات النفايات والمياه والطاقة في جميع أنحاء المجمع. قال أثاناسيو: “إنها مدينة ذكية ومتطورة من بدايتها حتى نهايتها”. مضيفاً، “نحب أن نسميها” نعيم الرمز البريدي”.
نقص العمالة
لم تكن عملية النهوض بمدينة إيلينيكون سلسة. عندما اشترت “لامدا” قطعة الأرض في عام 2014، تناثرت أجزاء منها مع أنقاض المطار السابق -بما في ذلك الطائرات المهجورة- بينما كانت أجزاء أخرى من المنطقة تأوي اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين. كان شاطئ البحر مبعثراً مع إعدادات الحياة الليلية والمرافق الرياضية المنسية منذ فترة طويلة. أدى التأخير في عملية منح التصريح إلى مزيد من الفوضى، كما جعلت حقيقة أن اليونان كانت مفلسة فعلياً عند اقتراح المشروع، أن تطويره أقل احتمالاً.
و أوضح أثاناسيو: “كان قطاع البناء في اليونان عند أدنى مستوياته منذ عشر سنوات، بسبب الأزمة”. مُضيفاً: “لقد غادر الناس البلاد، ولم تكن شركات البناء قوية كما كانت من قبل. كما فاقمت زيادة تكاليف البناء بسبب أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، من سوء الوضع ، في حين أن هذه التحديات قد هدأت، كانت “لامدا” – ولا تزال – تواجه مشكلة نقص العمالة. حيث ستحتاج الشركة إلى حوالي 7 آلاف عامل عند البدء بأعمال البناء خلال العام المقبل حول بناء مركز “إيلينيكون” التجاري. لدى “لامدا” حوالي 2000 عامل في الوقت الحالي، وهي تعقد محادثات متقدمة مع شركات المقاولات حول استيراد عمال البناء من دول أخرى.
انتعاش ملحوظ
ومع ذلك، وصف أثاناسيو التحدي الأكبر للشركة بأنه “افتقارها إلى المصداقية”. قبل بدء البناء، “كان لديك بلد مفلس، ومشروع ضخم حتى بالنسبة إلى المعايير الأوروبية، ناهيك عن اليونان، وشركة لم تستحوذ على مشروع مثل هذا من قبل”، وفق الرئيس التنفيذي.
ومع ذلك، تلاشت هذه العقبات تدريجياً حيث أصبحت المدينة الجديدة حقيقة واقعة.
بحلول نهاية الصيف، ستكون سبعة مبان سكنية جديدة مرئية من الساحل، إلى جانب ناطحة السحاب قيد التطوير. وبحلول نهاية العام، سيصل هذا المبنى الشاهق إلى 100 متر (330 قدماً) كما سيرتفع عدد المباني السكنية الساحلية قيد التنفيذ إلى 15 مبنى. فضلاً عن افتتاح مركز رياضي بحلول نهاية عام 2025، يحتوي على ملاعب كرة قدم وملاعب تنس وحمامات سباحة.
و مع تعافي اقتصاد اليونان من أزمته التي دامت عقداً من الزمان، يأتي الاهتمام المتجدد أيضاً من المستثمرين. حيث حصلت البلاد على درجة الاستثمار من اثنتين من شركات التصنيف الثلاث الكبرى في العام الماضي، وتوافد المستثمرون إلى بورصة أثينا خلال الاكتتاب العام الناجح من مطار أثينا الدولي، ومبيعات الحصص في البنوك الرئيسية في البلاد.
أرباح طائلة
على الرغم من ارتفاعه بنسبة 16% تقريباً في عام 2023، إلا أن سهم “لامدا” يتداول عند 7 يورو، وهو ما يعزوه أثاناسيو إلى التأثير الأوسع في سوق العقارات. وقال الرئيس التنفيذي: “يتمثل هدفنا الاستراتيجي في تنويع الأصول الاستثمارية ومراكز التسوق والمراسي”. روجت الشركة لمراسي إيلينيكون للمستثمرين المحتملين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وتنتظر اللحظة المناسبة لإطلاق الاكتتاب العام لمراكزها التجارية.
هناك أيضاً سبب للاعتقاد بأن “إيلينيكون” ستعود بأرباح كبيرة من الآن فصاعداً. استحوذت الدولة اليونانية على “لامدا” مقابل 915 مليون يورو في عام 2014، حيث بدأت الشركة في جني الأرباح في عام 2023. وتباع المساكن المطلة على الشاطئ الآن بما يصل إلى 15 ألف يورو للمتر المربع. يؤكد أثاناسيو “هناك قيمة خفية هائلة” في نتائج الشركة. كما تجاوزت عروض قطع الأراضي حول المركز التجاري والمكاتب 2000 يورو للمتر المربع. وأشار إلى أن “هذا ما يقرب من ثلاثة أضعاف القيمة في كتبنا”.
وأضاف ، باختصار، يعتبر التفاؤل في البلاد آخذ في الازدياد. ورغم القلق من أن السياح الذين يتدفقون إلى أثينا قد يكونون أكثر اهتماماً بالعروض التاريخية للمدينة القديمة من وسائل الراحة الحديثة والمتطورة، إلا أن الرئيس التنفيذي لشركة “لامدا” ليس قلقاً.
و تساءل أثاناسيو: “هل هناك أي سبب يدفع شخصاً يزور مدينة إيلينيكون إلى عدم الذهاب لرؤية “الأكروبوليس” (Acropolis) أو”سونيو” (Sounio) أيضاً”. في الوقت نفسه، “هل هناك أي طريقة سمعوا بها عن مكان قريب يضم أطول المباني، وخمس ناطحات سحاب، ومنتجع كازينو، ويختارون البقاء في الأكروبوليس؟”.