يواجه لبنان تحديات اقتصادية غير مسبوقة مع دخوله حرب 2024، حيث تعاني البلاد من أزمة مالية خانقة، لاسيما في ظل انهيار الليرة اللبنانية، وارتفاع معدلات التضخم بشكل حاد.
وفي ذات الوقت تراجعت احتياطيات مصرف لبنان بشكل ملحوظ، وتجاوزت خسائر القطاع المصرفي 70 مليار دولار، وانخفض الناتج المحلي بنسبة 50 في المائة، ليجد 80 في المائة من سكان لبنان أنفسهم تحت خط الفقر.
ويعتقد خبراء بأن الصراع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله قد يؤدي إلى انكماش اقتصادي يتراوح بين 10 و25 بالمئة في لبنان هذا العام، مع تدمير قطاعات حيوية من الزراعة إلى السياحة وتضرر البنية التحتية الحيوية.
وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، أكد أن استمرار الحرب يدفع لبنان نحو المجهول، مشيرًا إلى أن الحالة الاقتصادية للبنان في وضع صعب ودقيق جدًا.
ولفت إلى أن لبنان يقوم بتنفيذ خطة طوارئ حاليًا لمحاولة إنقاذ الوضع الاقتصادي في البلاد، إلا أن استمرار التصعيد سيأخذ البلاد نحو وضع صعب ومجهول، حتى مع استمرار المساعدات والدعم الدولي.
وبدوره أفاد أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية، جاسم عجاقة، بأن الحرب القائمة على الجبهة الجنوبية بين حزب الله وإسرائيل، أتت وهي غير مرحب بها على الصعيد الاقتصادي نظرًا لضررها الواسع على الاقتصاد.
ورجح دخول لبنان في أمد أطول للصراع واتساع نطاقه، دون أن تكون حرب شاملة، لتحدث خسائر أكبر تصل إلى 3.7 مليار دولار في القطاع السياحي، ونسبة خسارة الاحتياطي الأجنبي 14 بالمئة، بينما خسارة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 23 بالمئة.
وأوضح أنه على الصعيد الاجتماعي ستؤدي الحرب الشاملة إلى تجويع الشعب اللبناني خاصة المواد الغذائية وأيضًا الصحية، بالإضافة إلى نقص المحروقات حال امتداد تلك الحرب لتشمل فترة الشتاء، ليكون ضررها أكبر خاصة وأن طقس لبنان بالشتاء يحتاج إلى محروقات أكبر، إضافة إلى احتياجها للاستخدام في وسائل التنقل.
وفي سياق آخر، أكدت الخبيرة في النفط والغاز اللبنانية لوري هايتايان، أن اتساع الحرب من شأنه أن يضع اقتصاد لبنان تحت ضغط شديد، لافتة إلى أن القليل الموجود من الصناعة والتجارة قد يتأثر، إضافة إلى المطاعم والمواقع السياحية، مشددة على أن تلك الحرب ستخلق أزمة أكبر بالبلاد.
وأوضحت أن جنوب لبنان أصبح ساحة حرب منفصلة عن باقي المناطق التي تعيش حياة طبيعية، لكنها قد تتأثر بحال الحرب الواسعة وضُربت البنى التحتية مثل المطار أو المرفأ، فلن تعد هناك إمكانية لنقل البضائع والتمويل، مؤكدة أن كل ذلك سيؤثر على ما تبقى من الاقتصاد اللبناني الذي يتمثل في السياحة الموسمية والمطاعم وبالتالي لبنان أصبحت تنتقل من كارثة إلى كارثة أخرى.
وأكدت أن الاقتصاد اللبناني يعاني منذ وقت أزمة الانهيار في عام 2019، مُبينة أن هناك أزمة اقتصادية حقيقية يعكسها صغر حجم الاقتصاد اللبناني وانعدام الاستثمارات الخارجية.
ونقلت صحيفة “ذا ناشيونال”، عن المحللة البارزة لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU)، كيرين أوزييل، أن لبنان الذي يعاني بالفعل تحت وطأة عدة أزمات ناجمة عن سنوات من الجمود السياسي ونحو 12 شهرًا من القتال بين إسرائيل وحزب الله، قد يواجه تباطؤًا اقتصاديًا كبيرًا في أوائل عام 2025.
ولفتت إلى تدهور الاقتصاد والبنية الأساسية في لبنان بشكل خطير بسبب الأزمة الاقتصادية وسنوات من عدم الاستقرار السياسي وسوء الإدارة، الأمر الذي جعله يفتقر إلى القدرة على الصمود حتى في مواجهة حملة عسكرية قصيرة نسبيا بهذا الحجم.
ورجحت أن يؤدي تصاعد القتال إلى تفاقم مشاكل العرض وزعزعة استقرار الليرة اللبنانية مرة أخرى، مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم الذي بدأ في التراجع في الأشهر الأخيرة.