محمد رجب سلامة – الرياض
في ظل الأزمات العالمية المتزايدة نتيجة التغيرات المناخية، يشهد العالم اهتمامًا متزايدًا ببناء المرونة للتعامل مع آثار الجفاف.
ويأتي مؤتمر الرياض، الذي يُعقد تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD)، كمنصة حيوية لمناقشة الحلول العملية لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد الأمن الغذائي والاقتصادي والاجتماعي في العديد من الدول.
من خلال مشاركتي في هذا الحدث الهام، لمست الحماس والتحديات التي تواجه المشاركين، خاصة مع مرور 30 عامًا من الجهود الدولية لمعالجة الجفاف، بما في ذلك ست سنوات من عمل المجموعات الحكومية. وفي كلمته الافتتاحية، صرّح إبراهيم ثياو، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر:
– علينا اغتنام هذه اللحظة المحورية لعكس اتجاه تدهور الأراضي وبناء عالم أكثر مرونة في مواجهة الجفاف.
إطلاق أطلس الجفاف العالمي
كان من أبرز الفعاليات التي تابعتها إطلاق “أطلس الجفاف العالمي”، وهو أداة متقدمة تم تطويرها بالتعاون مع المركز الأوروبي للأبحاث المشتركة (JRC) وشركاء دوليين.
يُظهر الأطلس خرائط ورسومات بيانية توضح تأثير الجفاف على القطاعات الحيوية مثل الزراعة والطاقة والنقل والتجارة، مع إبراز التداعيات الاجتماعية مثل زيادة عدم المساواة والصراعات وتدهور الصحة العامة، هذا الأطلس لا يمثل مجرد قاعدة بيانات، بل يُعد أداة عملية تُبرز أهمية التعاون الدولي لفهم الجفاف وآثاره المتعددة.
من جهة أخرى، شهد المؤتمر الإعلان عن النسخة الأولية من مرصد المرونة الدولي (IDRO)، وهو منصة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتمكين صناع السياسات والمجتمعات من اتخاذ قرارات مستنيرة وبناء استراتيجيات أكثر كفاءة للتكيف مع الجفاف.
وما يميز هذه المنصة هو شموليتها وسهولة الوصول إلى المعلومات والخبرات العالمية، مما يتيح للمستخدمين الاستفادة من أدوات تحليلية متقدمة لمواجهة التحديات بشكل استباقي.
كمتابع لهذا المؤتمر، أجد أن التركيز على الحلول العملية والتعاون الدولي يعكس وعيًا متزايدًا بضرورة مواجهة الجفاف كقضية عالمية تتطلب جهودًا موحدة. إطلاق أطلس الجفاف ومرصد المرونة الدولي هما خطوتان نوعيتان تفتحان آفاقًا جديدة للتعامل مع هذه الأزمة المتفاقمة.
مع اختتام فعاليات اليوم الثانى من المؤتمر، يبقى السؤال: هل سينجح العالم في تحويل هذه الجهود إلى إجراءات فعلية تسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة؟ الإجابة تكمن في مدى التزام الدول والمؤسسات بتطبيق هذه الرؤى الطموحة على أرض الواقع.