انخفض احتياطي لبنان من النقد الأجنبي لأول مرة منذ أكثر من عام، في تطور يعكس تأثير الحرب المستمرة على الاقتصاد اللبناني. وفقًا لبيانات مصرف لبنان المركزي، تراجع الاحتياطي الأجنبي بمقدار أكثر من 400 مليون دولار في أكتوبر 2023، مسجلًا أول انخفاض له منذ يوليو من العام الماضي. ويبلغ الاحتياطي الإجمالي الحالي نحو 10.3 مليار دولار، باستثناء السندات الدولية التي تخلفت الحكومة عن سدادها والبالغة قيمتها 5 مليارات دولار.
تشهد لبنان منذ سبتمبر 2023 تداعيات الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، والتي جاءت في إطار الجهود للحد من تأثير حزب الله المدعوم من إيران، والذي يستهدف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيّرة. وبجانب الغزو البري، تتعرض مناطق واسعة في لبنان لضربات جوية إسرائيلية مستمرة، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية التي تقدر خسائرها بنحو 20 مليار دولار حتى أواخر أكتوبر، وفقًا لوزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام.
قبل اندلاع القتال، كان لبنان قد تمكن من تعزيز احتياطياته المالية بشكل جزئي، بدعم من عودة المغتربين خلال الصيف، وهو ما ساعد على الحفاظ على استقرار العملة المحلية وتخفيف ضغوط التضخم. كما أشار مسؤول في البنك المركزي إلى أن لبنان تمكن من تحقيق احتياطيات إضافية بقيمة 1.7 مليار دولار من خلال صفقات للعملة الأجنبية.
تحول سياسات مصرف لبنان
يمثل السحب من الاحتياطي الأجنبي تحولًا في سياسات مصرف لبنان المركزي بعد تولي وسيم منصوري مهام الحاكم بالإنابة في يوليو 2023، حيث توقف البنك المركزي عن تمويل الحكومة وركز بدلاً من ذلك على سياسة “دولرة” الاقتصاد، وهو ما ساهم في استقرار سعر الصرف عند مستوى يقارب 89,500 ليرة للدولار الأمريكي.
الوضع الإنساني والاقتصادي المتدهور
خلال الشهرين الماضيين، تزايدت تداعيات الحرب على لبنان، حيث نزح أكثر من 1.2 مليون شخص داخل البلاد، وفقد أكثر من 2000 شخص حياتهم. في الوقت ذاته، دعم حزب الله حركة حماس في مواجهة إسرائيل، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في المنطقة.
الأزمة الاقتصادية في لبنان بدأت قبل اندلاع الصراع الحالي، حيث شهدت الليرة اللبنانية تدهورًا حادًا وتخلفت الحكومة عن سداد ديونها الدولية البالغة حوالي 30 مليار دولار في 2020. تسببت هذه الأزمات في فقدان المواطنين مدخراتهم، بينما ارتفع التضخم بشكل كبير وانهار الاقتصاد بنسبة تقترب من 30%.
تحذيرات الأمم المتحدة والمخاوف المستقبلية
حذرت الأمم المتحدة من أن الاقتصاد اللبناني قد يشهد انكماشًا بنسبة تصل إلى 9.2% بنهاية عام 2023 إذا استمرت الأعمال الحربية. وفي هذا السياق، أبدى كبير الاقتصاديين في بنك عوده اللبناني، مروان بركات، قلقه من استمرار سحب البنك المركزي من احتياطياته الأجنبية، خاصة إذا استمر النزاع لفترة أطول، مما يزيد من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد.