سجلت الأسهم الصينية تراجعًا ملحوظًا في نهاية تعاملات الجمعة، وسط ضعف معنويات المستثمرين المرتبطة بتوقعات نمو الاقتصاد الصيني، بالرغم من الإعلان عن تدابير تحفيزية حكومية جديدة تهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي. كما ساهمت المخاوف المتعلقة بتصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة في التأثير على معنويات السوق، لا سيما بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
مؤشر “سي إس آي 300″، الذي يضم أكبر الشركات الصينية، أغلق منخفضًا بنسبة 1% ليصل إلى 4104 نقاط، بينما تراجع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.53% ليصل إلى 3452 نقطة. كذلك سجل مؤشر شنتشن المركب انخفاضًا بنسبة 0.29% ليغلق عند 2094 نقطة.
واستمر المستثمرون في متابعة تطورات الاجتماع السنوي للجنة الدائمة لمجلس النواب الصينية، وهي الهيئة التي تتحكم في رسم السياسات الاقتصادية للبلاد. في هذا الاجتماع الذي انتهى بعد إغلاق الأسواق، تم الإعلان عن برنامج تحفيز اقتصادي بقيمة 10 تريليونات يوان (ما يعادل 1.4 تريليون دولار)، والذي يتضمن رفع سقف اقتراض الحكومات المحلية على مدى ثلاث سنوات، والسماح لها بإصدار سندات خاصة لمدة خمس سنوات.
وتوجه هذه الأموال الجديدة إلى استبدال الديون الخفية التي كانت تلوح كتهديد للنظام المالي الصيني. وأكد وزير المالية “لان فوآن” في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع أن قيمة الديون المخفية للحكومات المحلية، والتي كانت تقدر بنحو 14.3 تريليون يوان، من المتوقع أن تنخفض إلى 2.3 تريليون يوان بحلول عام 2028. ورغم أن حجم برنامج التحفيز فاق توقعات العديد من المحللين، إلا أن رد الفعل في السوق كان سلبيًا، ما يعكس خيبة أمل المستثمرين الذين كانوا يأملون في مزيد من الإنفاق الحكومي الفوري لدعم الاقتصاد في مواجهة التحديات المحتملة بسبب فوز ترامب بولاية ثانية.
كما لم تتمكن التدابير التحفيزية من تعزيز الثقة في السوق، حيث هبطت العقود الآجلة لمؤشر “FTSE China A50” بنسبة أكثر من 5% بعد إغلاق السوق، وفقًا لما ذكرته وكالة بلومبرج. هذه العقود كانت تمثل مؤشراً على حالة التفاؤل أو التشاؤم بين المستثمرين الأجانب الذين يراقبون الأسواق الصينية عن كثب.
المستثمرون كانوا يأملون في أن يشمل البرنامج مزيدًا من الإجراءات المالية التي تُحفز النمو، مثل الإنفاق الحكومي المباشر على مشروعات البنية التحتية أو برامج دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تواجه تحديات اقتصادية، خاصة في ظل الوضع العالمي المضطرب.
وفي تطور آخر، كانت هناك توقعات بأن تستفيد الأسواق الصينية من هذه التدابير لتحفيز النشاط الاقتصادي، خاصة في ظل المخاوف من التوترات المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة بعد انتخاب دونالد ترامب لولاية ثانية. هذه المخاوف من تصعيد النزاع التجاري كانت تلوح في الأفق، مما دفع المستثمرين إلى الحذر والابتعاد عن اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة في أسواق الأسهم الصينية.
تجدر الإشارة إلى أن ردود الفعل السلبية من الأسواق أسفرت عن انخفاض قيمة العملة الصينية، حيث ارتفعت العملة الأمريكية (الدولار) مقابل اليوان بنسبة 0.20% في السوق الفورية، ليصل سعر الدولار إلى 7.1566 يوان.
على الرغم من أن الحكومة الصينية تأمل في أن تساهم البرامج التحفيزية في استقرار النظام المالي وتخفيف أعباء الديون المحلية، فإن استمرار القلق من التوترات التجارية والانتخابات الأمريكية يعكس حالة من الحذر الشديد بين المستثمرين الذين كانوا يتوقعون تحفيزًا أكبر لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الاقتصاد الصيني.